Sunday, December 2, 2007

فتنة الستينيات




أنا واقع في غرام عقد الستينيات, ولا أعلم حقيقةً سر افتتاني به, لكني بالتأكيد أتذكر مشاعري عندما كنت أعيش بهذا العقد, كان الهواء نقياً كانت الكويت أجمل وأكثر إشراقاً, كانت تسمى "جوهرة الخليج", كان عدد الذين يموتون بحوادث سير قليل جداً, كان الحب في ذاك الزمن حباً جميلاً, لم تكن الهواتف قد انتشرت, ناهيك عن النقالة, كان التواصل مع من نحب صعباً جداً, قد نظل أسابيع في كتابة رسائل حب, ونستمع إلى عبد الحليم حافظ قبل أن نرى الحبيب وقد يكون اللقاء من بعيد, أما تبادل الرسائل فقد يكون عن طريق واسطة أختنا أو قريبتنا, أو يتم الاتفاق على مكان سري تخبأ فيه الرسائل, نأخذ رسالة ونضع مكانها رسالتنا, والعذاب عندما تذهب لاستلام الرسالة فتجد رسالتك موجودة, لم يستلمها الحبيب, وتبدأ الهواجس عندما تكثر رسائلك, وما من جواب.
كانت الفتيات جميلات بألوانهن الخمرية وشعورهن السوداء وعيونهن الواسعة, لم يكن يعرفن شئ أسمه الحجاب, بل كانت "التنانير" ميني جيب, والبنطلونات شارلستون قد تصل فتحة الساق إلى 30 سم, والبلوزات ضيقة, لكن كان التحضر أكثر وحسن الظن أكبر.
كان بر مشرف أخضراً, تمتد مساحات النوير بألوانه البيضاء والصفراء والبنفسجية إلى الأفق, الذي قد يكون "قصر مشرف", تسير مع من تحب وتستنشق روائح الخبيز والحنبزان ورائحة الأرض بعد أمطار الوطن النقية, وعلى البعد تستطيع أن ترى إعلان "سينما الأندلس" النيوني وهو ينير بالتتابع: ال..أند..لس, ثم ينطفئ ويبدأ من جديد.
كانت الأغاني مشبعة روحياً, وكان المسرح شامخاً, وكنا كذلك نستمع إلى البيتلز والفس برسلي ونشاهد الأفلام العربية والأجنبية بالأبيض والأسود, رومانس على الآخر.
في الستينيات كان الرجال الكويتيون يسهرون مع زوجاتهم على "البسين" في الشيراتون قبل أن تتحول الزوجة إلى "حرمة تكرم", كنت صغيراً مع خالي في الشيراتون الخميس على حمام السباحة, وعادة ما يكون باربيكيو, وسمعت الطاولة التي في الجوار يتناقشون حول أعمال بيكاسو, من كويتيي الستينيات تعرفت على بيكاسو.
في الستينيات خرجنا إلى الشوارع نهتف:" يا بوسالم عطنا سلاح لو ما نذبح ما نرتاح..يا بوسالم لا تهتم ربعك شرابين الدم", نعم كنا أطفال الكويت الذين لم يعرفوا "الباتكس", لكنهم حفظوا وجه عبدالله السالم لأن صورته على الدفاتر, ولأنه وقف للعرض العسكري في عيد الاستقلال في الأسود والأبيض.
تحيا الكويت..عاش الأمير..تحيا الأمة العربية, كان الهتاف الصباحي في المدارس عندما أسمها "التربية والتعليم", عندما كانت المدارس تخرج رجالاً يعرفون الكتابة والقراءة, ولم تكن الموسيقى حراماً, ولم يكن الطلبة يسمعون عن عذاب القبر.
عندما أسمع الجيل الجديد يقول: "بنروح نغز" أستغرب كيف تغيرت اللهجة, سابقاً كنا نقول:" بنروح نتمشى" أو " نكزدر" متذكرين صيف بحمدون قبل الغزو الهمجي عليه, إذ يقال أن رواد بحمدون الآن ينزلون الشارع بالبجامات, لا أدري لأني هجرت بحمدون منذ السبعينيات لأن الوجوه المألوفة اختفت.
هل تعلمون كم كانت قصص الحب التي تحولت إلى زواج جميل وبدأت من بحمدون؟ الآن أصبحوا أجداداً وجدات, في فندق الكرمل كانت تقام حفلات كويتية, وكان الرجال والنساء يحضرونها جنباً إلى جنب, لأنهم لم يسمعوا بما يسمى منع الاختلاط.
أفتقد الستينيات..أفتقد الكويت

5 comments:

حمد said...

ذاك الزمن الجميل الذي عرفناه من فنونه التي وصلتنا , وعرفناه ايضا من شباب الستينات الذين لحقنا على القليل من تعليمهم لنا بالثمانينات , هم شباب الستينيات والدي واصدقاءه اللذين تعلمت منهم الشيئ الكثير .

راح زمن البراءة واتى زمن الشك وزمن استغلال الثقة من اجل الاستحواذ .

للاسف فطرة الانسان الكويتي تغيرت واصبحت غير طبيعية ولا نقية ولا خالصة بسبب جماعات التخلف والردة جماعة استيراد العادات المتخلفة الدخيلة .

والدليل على ما تقول وما اقول يا سيدي الكريم نراه بنتائج الانتخابات .

بالستينيات كان مستوى الكبار التعليمي ضعيف جدا وكانوا الاميين كثر , ومع ذلك كانو يعرفون بمن يثقون ولمن يصوتون .

ولكن في وقتنا الحالي زاد المتعلمون ولكن للاسف اختياراتهم الحرة تذهب للمرتشي وللقبلي وللخدماتي ومن على شاكلتهم .

تحياتي لك وشكرا على هذا التوصيف لذاك الزمن الجميل .

Eng_Q8 said...

me2

nostalgia said...

عزيزي حمد
الستينيات موجودة في قلوب الكويتيين, كثير منهم يضع صورة عبدالله السالم..هل لاحظت؟ تعرفهم من بعيد وعند أول لقاء وسلام تعرفهم من تحضرهم وحبهم للكويت, أنا كنت في الكويت أيام الاحتلال وشفتهم بعد ما ظنيت أني فقدتهم

insight said...

لا الومك , فالستينات سحرت كل من عاشها . سحرتنا ببساطتها ونقائها وطيبة ناسها الذين رغم بساطتهم كانوا لا يساومون على حب الوطن
كل شي كان له طعم ثاني حتى الكت كات كان غير .ريحة البخور بالبيت كانت غير وخصوصا بالعيد مع اغنية العيد هل هلاله .والتلفزيون اللي يشتغل من الساعة 4-9 , وعبد المحسن المهنا وهو يغني خلي جفاني وراح وهو فرحان ويصفق.والمدارس دوامين والمدرسين اللي اذا شفنا الابله بالسوق نموت من الخوف منها ونتخشش عشان لا تخانقنا ثاني يوم ليش طلعنا وما درسنا . كانت ايام حلوه ما الومك فيها كلنا نحبها ايام ما كانت الكويت هي الكويت الحقيقية وردة الخليج و منارة لدول الخليج التي الحين سبقتنا . مازلنا نأمل ان تستعيد دورها ومكانتها فهي كفؤ لهذا الدور , لكن شنقول , مو احنا اللي كنا في المقدمه نصير بالمؤخر ويتجاوزنا اللي كنا نعلمه .ادري عورت راسك لكن شسوي مقهوره على هالديره الحلوه اللي صاروا الكويتيين فيها اقلية وضاعت الهوية فيها.

nostalgia said...

insight

نعم أفهمك, مثل ما فهمتيني
اللي عاش بالستينيات لازم يفهم هذا الأمر,
وينا الكويت ياترى؟
تصدقين نبحث عن أنفسنا وما نلاقيها
نبحث عن ذولاك الأطفال اللي كانوا بمنتهى السعادة في الستينيات وما نلاقيهم
وين صاروا ياترى؟