كنت هناك

نعم أتذكر ذلك
كنت هناك
وكانت الروح تقول
أحب بلدي

لكن كان لدي شعر كثيف
وكان البنطلون الشارلستون
وسعه 30 سم
وكان القميص مخصر
لكن الفرق ان الخصر كان قياسه 30 سم
أما الوجه فقد كان طازجاً
لكنني لن اتحدث عن الروح
كانت متوثبة
وكان النوم قليلاً

عندما حدثت مظاهرات 17 و18 يناير في القاهرة
كنت هناك
وقال السادت
دي مش انتفاضة شعبية
دي انتفاضة حرامية

لكنها كانت أجمل سنوات حياتي
كنت مقبلا على الدنيا
وكنت عاشقا حقيقيا

وكنت أظن أني سأعيش للأبد
وكنت أظن أني سأظل شابا جميلا للآبد

حسافة

البوسطجية اشتكو من كتر مراسيلي

لو لي جناح أنا كنت أطير وافرح بلقاك
ذاك الزمن الجميل
كان كل شيء جميل
الناس والقلوب والحب
وكلمات الشوق على الورق
لم يكن هناك ايميل
ولذا كان للحبر والورق قدسية
ولرسائل الحبيب عبق من عطره
لم تكن الرسائل مستعجلة
كانت تكتب على مدى أيام ويعاد كتابتها مرات
كي تصبح كتلة من الأشواق على الورق
وكان البوسطجي ذا نفوذ وسطوة
أما أن يكون محبوباً
لأنه يأتي برسائل المحبوب
وأما يكون عدواً لتأخره بالرسائل
ومحظوظ من كان لديه إنان ثقة يوصل الرسالة يدا بيد

لعل جيلنا العاشق
متطور بالكتابة والتعبير
أكثر من الجيل الحالي
لأننا تمرنا كثيراً على الكتابة والشطب

كنت عاشقاً
واليوم أنا عاشق أكبر

يا كويت

فيها كانت صرختي الأولى
واستنشقت نفسي الأول
وكانت خطوتي الأولى
وكلمتي الأولى
وتعلمت كتابة حرفي الأول
فيها كان حبي الأول
ثم كان عشقي الأول
أطلقت فيها طلقتي الأولى
ضد المحتل
فيها أول لكل شيء
لأنها أول
ولأنها أول
وستظل أول

طريقنا أنت تدري

نعم صحيح

عندما كنت صغيراً وجميلاً

عندما كنت صغيراً وجميلاً
كنت أخوض بقدمي الصغيرتين
في برك الأمطار
وألاحق طيور الربيع والغيوم البيضاء
كنت أقطف النوير والخبيز
وأفتح فمي لأشرب
قطرات المطر
كنت أجري بلا هدف
كنت اضحك بلا سبب
كانت الدنيا مشرقة
تستحم بالأمان
وكنت صغيراً وجميلا

* * *

هل تغيرت كثيراً
نعم تغيرت كثيرا
ورحل ذاك الصغير والجميل
بلا عودة
لم أكن أعرف بالدنيا التي أعرفها
شيء أسمه شراً
كان عالمي بهياً
كان البهاء داري
وبرك المطر بحاري
كنت أتنفس هواء نقياً
كانت النجوم كبيرة وقريبة
كنت طفلاً سعيداً
عندها كنت صغيراً وجميلا

* * *

كنت أستمتع بحضن جدتي
كنت أستنشق رائحتها المألوفة
كانت تقول لي
ستغدو شيئا مرتفعاً
وسيخرج من عينيك بريق
كانت تقول
تذكر أنك أمير
وستظل أميرا
ماتت جدتي
ولم أصبح شيئاً عالياً
وانطفأ بريق عيني
وأصبحت تعيساً وحيداً
بدلاً من أمير

* * *

كبرت كثيراً
وبيني وبين ذاك الصغير
أكثر من خمسين عاماً
عاثت الدنيا بي خراباً
حتى أصبحت كبيراً وقبيحاً
بدلاً من صغيراً وجميلا

* * *

آآآآه شسوت الدنيا فيني