Tuesday, October 6, 2009

كانت البلد رايقة




كان كل الناس
يعرفون كل الناس
كان كل الشباب
يعرفون سيارات كل الشباب
الكل كان يعرف
دهيمة SS
وفاير بيرد جزاع الناصر
وسيارة سكوني المعروفة
المشهور ال 442
والمملوحة
وغيرها من السيارات
كنا بلباس الثانوية
البنطلونات الرمادية والقمصان البيضاء
التي كنا نتسابق لنشتريها من محل بنغوين
في شارع الحمرا ببيروت
فنكون مخالفين وغير مخالفين للزي المدرسي
وكانت الفتيات يلبسن تنانير رمادية وقمصاناً بيضاء
لا أتذكر أنني رأيت أحداهن بحجاب أونقاب
ولم يكن شارع الخليج قد أنشأ بعد
كانت الكزدرة بالسيارات
داخل سوق السالمية
وتجمعات الشباب
عند ملك العصير
كان ذلك قبل المجمعات
وقبل أن يسمون الكزدرة والتمشي "قز"
عندما كان صوت عالية حسين يصدح بالخماري
آه ياروح الروح
من يسلي الروح
آه بين السمر والبيض
مقسومة
وكان مصطفى أحمد يغني
ترا الليل عودني على النوح والسهر
وحسين جاسم وعبد الكريم عبدالقادر
وعايشة المرطة وغريد الشاطئ
وشادي الخليج ينقون آذاننا
وكان المطربين والمطربات العرب
يغنون أغاني كويتية
مثل نجاح سلام التي غنت
أداري والهوا نمام
للعبقريان أحمد العدواني وحمد الرجيب
وغنت نجاة الصغيرة يا ساحل الفنطاس
وغنى عبد الحليم حافظ يا هلي
وغنت أم كلثوم يا دارنا يا دار
وغيرهم وغيرهم من الذين كانوا يعتبرون الكويت
منارة للثقافة والفن والحب
عندما كانت البلد رايقة

* * *

كانت حفلات العروس مختلطة
وكان السامري "يرنع" في الأرجاء
والتلفزيون يذيع بالأسود والأبيض مذكرات بحار
بصوت الشاعر محمد الفايز
وعوض الدوخي يغني
أنا في انتظارك ومستحيل أنسى اللي فات
كان النوير يملأ البر
وطيور الربيع تملأ أغصان الشجر
كانت الساحات تضج بالعرضة
كانت الألوان أكثر اشراقاً وبهاء
كنا عيال قرية
كل يعرف أخيه
عندما كانت البلد رايقة

* * *

كان الحب نظيفاً منزهاً
قد تبدأ شرارته بين الأهل
أو في السالمية
أو في بحمدون المحطة
أو أثناء الدراسة في القاهرة
لكنه كان نظيفاً
كان أي شاب يدافع عن أية فتاة
تتعرض للمضايقة
لم يكن هناك انترنت
لم يكن هناك تلفون نقال
لم يكن هناك بلوتوث
لكن كانت هناك رسائل تكتب باليد
بخطوط جميلة أنيقة
وكانت الرسائل الأنثوية معطرة
ترى بقع العطر في أركانها
كان الخط له طابع الخاص والخصوصية
يحمل بصمة صاحبه أو صاحبته
كان الزعل والعتب محبباً كما غنت عليا التونسية
أغنية شكوى العتاب للعملاق أحمد باقر
الزعل من غير سبة
شي حلو منك عرفته
عندما كانت البلد رايقة
كان الزعل والتغلي حلو
يزيد من قيمة الحب
ومن غلاة المحب
لم يكن كطعنة في القلب
فالمحب لا يتحول ذئب شرس

* * *
عندما غنى حسين جاسم
حلفت عمري ما أشوف صورة
ملامح فيها من وجهك
لم يصدقه أحد فينا
وحتى عندما بالغ بالقول
خلاص حتى المكان اللي نزوره ونتنادم فيه
حلفت عمري ما ازوره يوم
ولا حتى أفكر فيه
كنا نعرف أنها سحابة وتعدي
وأن هذه المبالغة ما هي إلا
زعل وعتب حلو وسيزول
كنا متعاطفين مع حسين جاسم
لأن كل الشباب الكويتي
كانوا يحبون كل الشابات الكويتيات
ولكل منهم قصة زعل
وفي النهاية
أصبحوا أجداداً وجدات
يملأ أحفادهم البيوت
أترككم لدقائق
مع الكويت الرايقة
وأريدكم أن تلاحظوا
أن عازف الغيتار هو
الشهيد عبدالله الراشد
الذي استشهد مع زميله الشاعر فايق عبد الجليل
أثناء الغزو الغاشم

4 comments:

ذات عقل خشبيّ said...

أحببتُ هذا المكاان كثيراً ...



يحمل من الحنين ما يجبرك على البكاء !!

وليس البكاء شيئاً سيئاًَ البتة ...


قد تحمل الدموع معها كثيراً من الراحة...


وقد تحمل كثيراً من الحنين

مثل الذي حمّلتنا إيااه ...

مفعم بالجمال هذا المكان :]


شكراً من القلب ...

Peace said...

كانت البلد رايقه
و النفوس صافيه
و القلوب طيبه

nostalgia said...

ذات عقل
شكرا لمرورك

الحنين
قد يكون مصدر رغبتنا في الاستمرار في هذا الواقع الذي اصبح بلاستيكيا

شكرا

nostalgia said...

peace

طبعا
ومن عاش بها في ذلك الوقت
يعرف قصدي جيدا

شكرا لك